إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 21 مايو 2018

خواطر رمضانية 5


 الإسراف والتبذير في الأطعمة


كل شيء مختلف في الحياة، قد يبدو مثيرا للعقل ، للنفس، لكل الجوارح، حتى أنه سيكون محطة مثيرة للتساؤلات مثلا، لأن الذي لم تتعود عليه العقول حتما سيشد إنتباهها، والنفس كذلك، وباقي الجوارح هي الأخرى، وحتما سيكون مليئا بالفائدة.
حينما يطل علينا شهر رمضان، سيختلف نوع الروتين الحيوي الذي يعيشه المسلم في رمضان عن باقي شهور السنة، لأنه جاء بالإختلاف الذي قد يضفي للنفس فائدة، وللجسد وللعقل ولكل شيء يتعلق بالإنسان نفسه وما حوله. لأن أشياء كثيرة يتغير نظامها ، ومن هذه الأشياء شيء يعد غاية في الأهمية، ألا وهو الطعام، والإمتناع عنه فترة النهار لأسباب عديدة تتعلق بالجسد نفسه صحيا، وبالنفس روحيا، وبالفرد إجتماعيا. 

حينما يشار للطعام في رمضان، كل متخصص سيتكلم بلغته المفهومة التي يبدع فيها، فالطبيب سيثني على النظام المعيشي في رمضان، والمتخصص الأقتصادي هو الأخر، والعالم الإجتماعي أيضا، وغيرهم، لأن النظام في رمضان نظام شامل ومتكامل ولم يفرط في شيء ما. فحينما أمر بالإمتناع عن الطعام فهذا يعني أنه على الفرد الإمتثال لهذا الأمر حتى ينتفع ويستفيد بكل الفوائد المرجوة. فيقتصد ويقلل من الطعام ليواكب ركب الصائمين متمثلا بكل شيء ومتماشيا مع كل أنظمته ووصاياه وأوامره ونواهيه.
ما يبدو عليه المسلمون اليوم في رمضان قد يعد مختلفا تمام عما يجب أن يكون لاسيما في تعاملنا مع الطعام، لأن الوصية أو الأمر جاء بأن نقتصد في تناوله ، ولكننا أصبحنا نعد الطعام في رمضان أكثر مما في غيره، ونأكل أكثر مما في غيره، لنخالف السنة، والنظام الحيوي الذي يجب أن نتمثل فيه في شهر رمضان.
يقوم الكثير من المسلمين بإعداد ماائدة ضخمة من الطعام في شهر رمضان، فيعد للفرد الواحد ما يكفي لخمسة أفراد، ليأكل نصيبه ثم يرمى بالباقي في مكبات القمامة، لنكون مسرفين مبذرين، غير آبهين بالنعمة التي نكبها في القمامة، مع أننا نعلم أن هنالك الكثير من الفقراء الذين لا يجدون قوت يومهم. ونشارك في زيادة نسبة وكمية الأطعمة المرمية. لذا نحن نعبث بالنظام الحيوي الذي يجب أن نعيشه في شهر رمضان، فحينما يفترض أن نتوقف عن الطعام وأن لا نأكل إلا القليل منه، لنغير القاعدة ونسرف فيه، لنحرم المحتاجين إليه منه.

حينما يأمر الشارع المسلم باتباع نظام ما، فهذا يعني أنه يوجهنا للفائدة والمصلحة، ويجنبنا المهلكة والمفسدة. فحينما نغيير النظام الحيوي والمعيشي في رمضان لنكون بشرا أكثر إسرافا وتبذيرا وعداوة لأنفسنا ولغيرنا، بهذا نحن لا نعقل ولا نشعر ولا نحس، ونعيش في مفارقة لا تحتمل ولا تصدق، إذ أننا نتصدق على المحتاجين في نهار رمضان، لنسرف في تحضير الطعام بكميات كبيرة جدا، لترمى أكثرها، فنحن بهذا نحرم المحتاجين له الذين نتصدق عليهم نهارا من الحصول عليه. هل نعلم أن عدد الجائعين في العالم يفوق الثمانمئة مليون جائع، وأن نسبة الطعام المرمية في القمامة في عمان بنسبة. 30% تقريبا، وما يقارب خمسين مليون ريال عماني!!!؟
دعونا نتفكر قليلا، في الطعام الذي نرميه، والذي نفسد به صحتنا، والذي نحرم المحتاجين منه. هل سنعيد ترتيب نظامنا الحيوي في رمضان ، فلا نسرف ولا نبذر!!؟؟



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق