إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 19 مايو 2018

خواطر رمضانية 3



صلة الرحم

عادة كل كائن حي يتعرض لصدمة، مادية أو معنوية، ردة فعله هي أن يهرب عنها لأأمن ملجإ له، والملجأ الأمن هو الرحم المترابط المتصل، حتى إذا ما أصبح في محيطه يهرب عنه الخوف والألم والفزع بعيدا، لأن الرحم جميعه هو من يتحمل كل هذا الثقل مقاسمة فيما بين جميع أفراده. ليصبح الإنسان بالرحم قويا أمنا مطمئنا، بعكس الذين يعيشون في وسط أرحام متفككة متفرقة، متقطعة أوصالهم، حتما سيكون الجميع وكأنهم غرباء وربما أعداء لاسيما إذا فكك الشيطان وأعوانه روابطهم وقتلوا أواصر المحبة.

ما أجمل الحياة حينما يعيش الفرد وسط رحم مترابط متماسك، تجمع الجميع المحبة والألفة والأخوة العظيمة التي تكون حاجزا منيعا من أي تأثير سيء خارجي قد يحل عليهم. وما أسوء الحياة حينما يعيش الفرد وسط رحم متقطع، رحم متفكك، لا تجمعهم محبة ولا ألفة ولا أخوة رغم أن الجميع أتوا من رحم واحد، وتربوا في رحم واحد، إلا أن الشيطان فرق بين الأثنين، وأشعل فتيل الفتنة والبغضاء والحقد والعداوة.
ولأن الرحم من أعظم الأشياء التي يجب على الإنسان المحافظة عليها لما لها من تأثير قوي على حياته واستقامتها، فقد أمر الله الإنسان بالمحافظة على رحمه أيا ما كان، وربطه به، رغم كل شيء، ولا يفتح للشيطان مجال ليفكك روابطه ويقتل أواصر المحبة. فقد توعد الله قاطع الرحم بوعيد شديد فقد قال تعالى:  «فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ• أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَ أَعْمى‏ أَبْصارَهُمْ»1
 فقد ربط الله تعالى قاطع الرحم بالفساد في الأرض لأن قطع الرحم مفسدة عظيمة، بها تتفك الأسرة من كل روابطها فيبقى الفرد وحيدا ضعيفا إذا تكالبت عليه المحن والمصائب، فلا مرد للإنسان إلا رحمه وأسرته.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«من كان يؤمن بالله واليوم الآخـر فليـكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه.....)2
فصلة الرحم مربوطة بالإيمان بالله، وقطع الرحم إبتعاد عن الإيمان بالله ورضاه سبحانه وتعالى وهو الأهم في حياة الإنسان.

وتعتبر قطيعة الرحم معصية عظيمة، لما لها من أثر سيء على حياة البشر ، إذ إن الأسرة هي نواة المجتمع فإذا صلحت الأسرة وترابطت، صلح المجتمع وترابط. فالتفكك بين أفراد الأسرة الواحدة يعد فوضى في الحياة البشرية، لأن هذا التفكك حتما سيؤدي إلى تفكك المجتمع والأمة بأكملها. فرقي الحضارات مناط بالترابط الإجتماعي والأخوة الإنسانية، ليكون الإنسان أخا للإنسان لا عدوا. فآن الأوان أن نراجع حساباتنا، وننهي خلافاتنا ولا نجعل للشيطان مكانا بيننا. فأن نعيش وسط أسرة متحابة مترابطة تملأها المحبة والأخوة أعظم من كنوز الدنيا الزائلة، ولن يستشعر الإنسان هذه العظمة وهذا الثراء إلا إذا أحلت به مصيبة الألم أو المرض أو الموت، أو أي مصيبة أخرى، حينها سيشعر كم أنه خسر أكثر مما ربح في هذه الدنيا، ناهيك عن ما ينتظره من خسارة سيئة يوم القيامة.

 1- سورة محمد، الآية 22، 23
2- رواه البخاري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق