إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 7 أبريل 2015

من رحم الهدية تولد الإبتسامة

قرأت في ملف أحد الأصدقاء عبارة ، من رحم الهدية تولد الإبتسامة ، فرفرف خيالي في فضاءات واسعة لا تحدها حدود في عظم الهدية وتأثيراتها الإيجابية التي توطد علاقة الإنسان بالإنسان وتوثق الترابط بين القلب والقلب كونها أداة بناء إجتماعي في المجتمعات الراقية. فمن رحم فضاء الخيال ولدت إبتسامات كثيرة لخيالات إرتسمت هنالك لحقائق لا مراء فيها جراء تبادل الهدايا بين الناس لأجل توثيق العلاقات الإنسانية وإصلاح فسادها الذي بات يفتك بقلوب البشر كالسرطان البغيض ،فيهدم أواصر الترابط بين الناس وخصوصا الأقرباء.
فالهدية غيمة تمطر خيرا كثير على كل أرض تحل بسمائها ، وتنبت كل نبات حسن، وأما النباتات الكريهة فلا محالة ستقتلع من جذورها حتى لا ينبت ألا طيبا ، لهذا عمدت الشعوب والحضارات الراقية لتبني الهدية وجعلها بندا مهما ضمن دستور الحياة لقول رسولنا الكريم صل الله عليه وسلم: تهادوا تحابوا، وفي رواية أخرى: "تهادوا فان الهدية تذهب وحر الصدر، قال أحد علماء النفس : " اذا كان الاصدقاء يتبادلون الهدايا, فإن الهدايا هي التي تصنع الاصدقاء " .
وقال القائل :
هدايا الناس لبعضهم بعض . . . . . تولد في قلوبهم الوصال
وتزرع في الضمير هوى ووداً . . . وتلبسهم اذا حضروا جمالا.
ففي فضاءات الهدية التي سموت لها رأيت أخا يفاجأ أخاه بهدية مغلفة بورق الهدايا ، فيتفاجأ الأخر بفرحة عارمة تحتضن كينونته فيتغير الوضع إلى إيجابي بالدرجة الأولى ، فقتلت الهدية كل فيروس يحاول أن يقتحم علاقة الحب والأخوة بينهما ، فتنقلب مملكتهما قصورا من المحبة والعلاقة الوطيدة.
ورأيت حبيبا يخبيء وراء ظهره هدية ليفاجأ بها محبوبه الذي أذاه الزعل وألم الفراق حتى عششت عقارب الحزن الممتلأة سموما في صدره الذي أصبح أرضا خصبة لكل نباتات الألم والحزن والهم المشوكة، فلا الليل ليل ولا النهار نهار ولا الحياة كحياة السعداء ، بل جحيم يتلو جحيما ، ولسعات تتلو لسعات وألام تكبر فوق ألام. فحينما جاءت الهدية تجر معها جيوش الفرحة والسعادة لتقاتل مستعمرات العدو الغاصبة في صدر المحبوب لتتمخض الحرب عن إنتصار لجيوش السعادة والبسمة، إنقلبت الحال لتصبح حياة الحبيبين سعادة جميلة غير مصطنعة، كسعادة الفقراء الحقيقية.
نحن بحاجة إلى أن نضع للهدية مكانا في حياتنا لنتبادلها مع والدينا وإخواننا وأحبتنا وأصدقائنا ، لنجدد بها الحب الجميل ولنوطد بها علاقاتنا الخالية من المصالح الدنيوية. فكم هو جميل أن يفاجأ أحدنا أمه بهدية يعبر بها عن حبه لها وأباه هو الأخر، فكم من سنوات لم نخطط فيها يوما أن نجهز هدية لهما لنصنع في نفسيهما السعادة والرضى. وياحبذا لو نجعل في مقدمة القائمة التي سنهديها، الأخوة بعد الأبوين والزوجة أو الزوج، وبالأخص الأخوات لأنهن بحاجة ماسة لمثل هذا التواصل والعطاء.
قد يطول تفكيرنا في نوع الهدية وقيمتها التي نريد أن نهديها ، أرى أن الهدية لا تعتمد على النوع والكم والقيمة ، وإنما يكفي كونها هدية ومغلفة بورق يوحي أنها هدية ، فمن يستقبل الهدية لن ينظر في ماهيتها ولكن سينظر في أنها هدية لأن تأثيرها ليس ماديا بل معنويا بالدرجة الأولى.ويفضل أن  لا يكون هنالك إعلان مسبق للهدية بل تكون مفاجأه حتى تصنع سعادة فجائية وعظيمة ، وأن تكون عينية وليست نقدية لأن النقود ستنفد ولن يبقى تأثيرها إلا فترة وجيزة وأيضا أن معظم الناس يمتلكون النقود فهي ليست إلا وسيلة لا أكثر.
فكانت الهدية ومازلت الجسر الذي به تتواصل القلوب والأداة التي تكسر حواجز النفوس والسبيل الأمن لنيل رضى الناس. فلنعود أنفسنا وأبناءنا على أن نجعلها شيئا مهما في حياتنا ولنخبر إخوتنا بها وأصدقاءنا ليكثر تبادل الهدايا في كل مكان وزمان ،وخصوصا اليوم حينما ضاقت نفوس الناس وأمتلأت حقدا وكرها لاسيما الإخوة على بعضهم ، لتجد في البيت الواحد حقدا يفصل بين الأثنين وكراهية.فالبدار البدار والهدية الهدية ، ولنتذكر أن رحم الهدية لا يحمل إلا إبتسامة ورضى وسعادة.