إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 1 يناير 2017

عام مضى 2016



عام مضى ،،،،،، ولم يمض وحده بل مضت قبله أعوام وسنون، وأزمنة وقرون، والحياة في ذهاب إلى أللا عودة، لتنتهي الحياة حيث قدر لها أن تنتهي. عام مضى وتنتهي الأيام بمضيه وتنقص الأعمار وتفنى الأجساد، ويتغير كل شيء في هذه الحياة، فالأمس ليس اليوم واليوم ليس غدا وما نعيشه اليوم لن نعيشه غدا ، الحياة تفنى وبسرعة وتمر بلا توقف كجريان ماء ينهمر من علو في إنحدار كبير. تمضي الأيام ولم نعد نشعر بمضيها إلا حينما نفقد أشياء ثمينة لا يروق لنا فقدانها، أو رحيل أناس اليوم, كانوا بمعيتنا البارحة، فآلمنا رحيلهم لتدق نواقيس الإشعار بأن الزمن يمضي في تسارع ويأخذ معه كل ما في طريقه إلى أللا رجعة.

كنا نتحدث في العام المنصرم في مثل هذه الأيام عن رحيل ذاك العام، وكيف رحل ، وماذا فقدنا برحيله، وماذا فاتنا، وما الذي لم ندركه في ذاك العام لأسباب عديدة و كثيرة فأحسسنا بحجم الخسارة على أصابتنا نتيجة الأشياء الكثيرة التي فاتتنا. الحقيقة أننا نطوي الأيام كما نطوي صفحات الكتاب دون أن ندرك أو نشعر أننا لم نكتمل من قرآءة الصفحة إلا حين طيها، فكذلك السنة التي رحلت لا نشعر برحيلها إلا آخر أيامها ، لتمضي دون أن نحقق ما وددنا تحقيقة ضمن الأهداف المجدولة لكل خطة سنوية. فلم نغطي من تلك الخطة إلا بعض الأعمال التي صنعت الطبيعة لنا فرصة تحقيقها، وإلا فإننا لم نسعى حتى لصنع الفرص أو لنخطو أولى خطوات الإنجاز لصناعة النجاح، لنشعر بعدها أننا مخفقون في صناعة النجاح أو في إنجاز أدنى أعمال النجاح، لينتهي العام وتنتهي فترة العمل التي لم تبدأ أصلا مع أنها يفترض أن تبدأ ببداية العام، لكن الكسل والتسويف وقلة الهمة واتباع الشهوات كلها كانت عاملا مانعا وحائلا دون تحقيق هدف واحد من كل الأهداف المجدولة في لوحة الخطط السنوية. ونتعلل بعدها لعدم وجود الوقت رغم أننا لا نستثمر من وقتنا إلا ما هو أقل من ربع الوقت، وإن كان الربع لكان حريا بنا أن نكون ضمن العباقرة والناجحين، لكننا حتى الربع لم نصل إليه البتة، لنقضي جل وقتنا في هرج ومرج، لنخسر بعدها الوقت والهمة والنشاط والنجاح، ونفقد لذة الحياة التي يجب أن نستلذها في طبق النجاح.


عام مضى ، وحمد لم ينتهي من عدائه مع نفسه، رغم أنه في نهاية العام المنصرم أخذ عهدا على نفسه بأن يصلح الأمر معها ويتصالح، لأن كثرة العراك خرقت العلاقة بينهما فلم يعد يتحدث إليها أو حتى يعطيها جزءا من وقته، بل أصبح عدائيا لها بالدرجة الأولى وقاطعا للوصل وقاتلا للود، فانتهى العام ولم تنتهي المشكلة بينهما. حينما ساءه ألم العداء آخر يوم في ذاك العام ، عقد صلحا مع نفسه وعاهدها بالإصلاح والصلاح، لأن ألم الجرم كان مؤذيا جدا، مما دفعه نحو إنهاء الخصومة. هو مدرك تماما لحجم الإساءة جراء خصومته مع نفسه فقد كان يبتعد عن كل مسبب لها ليهنأ بالهدوء على أقل تقدير ، لأن ضجيج النفس بين الأضلاع مؤذي حد الصراخ والجنون ، وكم من ضحية لهذا الضجيج لاقت حتفها. فابتدأ عامه الجديد جميلا متزينا بزي المصالحة والهدوء والصلاح متبعا نهج الهدنة ودساتيرها، أو قوانين المصالحة مع وقف كل أنواع العداء الناتجة جراء الطمع والجشع والحقد والشهوات، لأنه ما زال يشعر بألم طعناتها يوم أمس و أمس هي أخر يوم في العام المنصرم لذاك العام، مما حفزه على المضي قدما نحو التغير وهجر مسببات الخصام.

تجري الايام لكن الملذات ما زالت تتحكم بحمد وتحرك قواربه نحو إتجاهاتها وتسلكه دروبها عنوة، هو لا يريد إرضائها لكنه وجد فيها اللذة التي تبهجه وتعجبه ، فطفق ينسى عهده مع نفسه ليسوف لغد مجهولة أحداثه، موهما نفسه أنه سيتمكن من تحقيق ما يصبو إليه ، وأن الإنحراف البسيط عن تحقيق الهدف لا يعني الفشل في النهاية ، فهنالك متسع من الوقت وكاف لتحقيق كل الأهداف ، وقتل كل مسببات العداء مع نفسه. لم يكن حمد يمتلك العزيمة ليتصالح مع نفسه والسبب أنه اليوم ونحن نودع عاما ليمضي فهو ما زال يرضخ تحت وطأة العداء مع نفسه كمثل ذاك اليوم من العام المنصرم ، فلم يكن إلا كما كان يعادي نفسه عداء سيئا، ليعيش الأثنين معا بين ضجيج الألم وعذاب الضمير ولتعلو بين الأضلاع آهات الندم والحسرة. بمثل هذا لم يتمكن حمد ومن هم على شاكلته من التغير واللحاق بركب الناجحين الذين وضعوا لحياتهم خطة واضحة، ومجدولة أيامهم محاولين بجد في صنع النجاح واقتناصه بشباك المثابرة والإجتهاد. الذين لم يتصالحوا مع أنفسهم لم يستطعيوا أن يأخذوا بمستقبلهم إلى بر الأمان، لأن المصالحة مع النفس يعني الإتفاق معها وإشراكها في النمو والسمو والجري نحو تحقيق الأهداف المجدولة والمرسومة سابقا.

حينما يمضي عام ونستقبل غيره هذا يعني أن العمر ينقص، وما تبقى أقل عما كان عليه، فنحن راحلون إلى محطة النهاية التي لن ندركها إلا حينما نصلها مندهشة عقولنا فاغرة نفوسنا، فتطبق علينا السماء بالأرض، مذهولين من هول الصدمة. لم ألتقي في حياتي بمن يخطط لسنة أو أكثر أو أقل إلا نادرا ، فكلنا نسير في الحياة بلا خطة وبلا هدف لتنهمر أيامنا دون أن نستثمرها وتذهب أوقاتنا دون أن نصنع فيها شيئا، مدركين تماما أن الرسالة الإنسانية توجب علينا الإجتهاد والمثابرة والمسارعة في خدمتها، وهذا كله بالمضي قدما في دروب مستيقمة مليئة بالنشاط والحيوية والنجاح. قابلت شخصا نادرا يخطط لخمس سنوات ولا يعتبر نفسه ناجحا إلا إذا حقق تسعين في المائة من خطته، ليشرع بعدها في رسم خطة أخرى وتحقيق نجاحا آخر، هكذا هم الناجحون، تمضي أيامهم وهي تجر عربات النجاح الكبير.

01/01/2017