إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 17 مايو 2018

خواطر رمضانية 1


خواطر رمضانية 1


الله أكبر، أذّن المؤذن مناديا لصلاة المغرب في أخر النهار لأخر يوم في شعبان، وأول ليلة رمضانية، بعد أن أرخى الليل سدوله، وأحتضنت العتمة الدنيا، وذهبت الأطيار لأعشاشها، والحيوانات لمرقدها، والنمل لمملكته، والنحل لخليته، هطلت بركات روحانية على الأنفس لتغسلها من أدران الشهوات، وتسحبها من مستنقعات الملذات، لترسو بها في مراسي السكينة والطمأنينة.
أذّن المؤذن معلنا أن الشهر الفضيل قد حل ضيفا مباركا، جاء بقوافل الخير والبركة، جاء بشيرا، جاء يحمل البسمات، بسمات الوجه والقلب والنفس والروح. 
أّذّن المؤذن معلنا،  آن للروح أن تستكين في فـضاءآت الهدوء والسكينة ، وللقلب أن يخشع مؤمنا، وللسان أن يلهث ذاكرا، وللجوارح أن تعبد خالقها مصلية صلاة لا إنقطاع يفصلها، ولا شيطان يعكرها، ولا خيالات تغيبها، خيط ممدود متصل، وماء منهمر ينزل، ومطر غزير يهطل. أذّن المؤذن معلنا تحطم جسور الشهوات، وانقطاع حبال الملذات، وتبعثر خرز السيئات في غياهيب الظلمات، لترحل بلا عودة، وتزول بلا رجعة، وتنصرف حيث لا رجوع لها ولا ظهور. 
أذّن المؤذن حي الصلاة حي على الفلاح، مجتهدين متنافسين، الفائزون في الصفوف الأولى ، أصحاب الجائزة العظيمة، قيام بالليل عابدين، راكعين وساجدين، لم تغرهم الدنيا بملذاتها، ولم تفرحهم شهواتها، جل حياتهم بين خوف ورجاء، وحب لرب السماء. عبّاد كل حياتهم في الصلاة، أيقنوا أن بها تفتح لهم أبواب السعادة، وتنزل عليهم البركات والسكينة، وتذهب عنهم الهموم والألام والمصيبة، قلوبهم تخفق بحب ربها ، والسنتهم تلهث بذكره، وجوارحهم حاضرة في كل عبادة وذكر.

إنه رمضان أيها المسلمون، شهر الجوائز والمكرمات، شهر الرجوع، شهر الإنابة، شهر الهدوء حيث لا هدوء إلا هدوءه، شهر صحة القلوب، والأجساد، والجوارح، مبتعدة كلها عن السموم المؤذية المتعبة، لتنال صحة يعقبها هدوء وراحة وسكينة وفرحة وابتسامة. من اشتغلت روحه في رمضان لنيل مكرمات رمضان فقد فاز وسعد وشفي جسده، وهدأ قلبه، وسكنت روحه. إنه رمضان أيها المسلمون شهر تلامس الروح روحانيته، لتستيقظ الجوارح من مرقدها، شهر تتلذذ النفس بالصلاة مع خالقها، لتشعر بالعبادة وتحس بها حتى تجد حلاوتها في ركعة وسجدة وكلمة يلهث بها اللسان خارجة من  سويداء القلب.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق