إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 11 نوفمبر 2015

معاوية الكاتب يئن وحيدا بين القضبان



رغم إتهامي له بأنه عميل أمني أثناء حوارنا معا بعد كتابته مقاله الأكثر جرأة والذي بسببه دخل السجن لإسبوع تقريبا، إلا إنه ظل يحاورني بخلق سمح، رغم مخالفتي له في كثير من توجهاته الفكرية ولا أتفق معه إلا في بعضها الأخر فهو لم يقصي الرأي الأخر، وهذا طبيعي في الحياة لاسيما لشخص كمعاوية الأكثر جرأة من كتاب السلطنة. قد نختلف كثيرا مع بعضنا في توجهاتنا الفكرية والرؤى، وقد نتفق ،وهذا لايعني أننا في طريق معوجة لا استقامة فيها ،ولا يعني أن الأنا أفضل من الأخر ، ولا العكس صحيح، يبقى صفاء النوايا هي التي تحكم في هذا.

حينما نذكر معاوية حتما سنذكر كل تصرفاته وكتاباته وتوجهاته لاسيما التي نختلف معه فيها، وقد نذكر جرأته ومواقفه في كل القضايا التي لم يندس قلمه عنها ، إن كان صائبا أم غير ذلك. نتذكر ألأن معاوية بعد أن ذكرنا هو بنفسه بالمقطع الصوتي وهو بين ويلة القضية والمحكمة ،وحقيقة لم أنساه بل كان زائرا مترددا لذهني في كثير من الأحيان والمواقف والقضايا، لأن بعضا من القضايا الداخلية لا يكتب فيها إلا معاوية.اليوم بعد شهور وهو بين القضبان ها هو يناشد الكل بالمعونة لأجل إنهاء قضيته التي جعلته سجينا بلا حرية في سجون دولة مجاورة، يعاني ألام جرآته الزائدة ، فالبعض يعقب قائلا بحثت عن حتفها بضلفها ،وهذا قول مردود على صاحبه، والبعض الأخر يناصر قضيته لكنه وفي وضع الصمت،وهذا ديدن الجميع بلا منازع.
طول هذه الفترة والساحة الكتابية تفتقد معاوية الكاتب، معاوية الذي لم يالو جهدا في دعم الكتابة والتدوين، يدعم كل من إرتأى فيه خصلة كتابية ولو كانت صغيرة ، ظل يناصر الكتابة ،بغض النظر عن ماهية الكتابة التي يناصرها ، وكانت مناداته ،أكتب في كل شيء ،أكتب لكل شيء ، أكتب أي شيء، موقنا أن من رحم هذه الكثرة التدوينية ستولد أقلام بارعة لها صولات وجولات في الساحة الكتابية.أصبحت بعض من القضايا الملحة بحاجة لأقلام تترجمها ، وليست اي أقلام بل أقلام أكثر جرأة وشفافية، فحينما أختفى معاوية ذبلت كثير من تلك القضايا. حينما كنا نرجو سطوع أقلام في في فضاءات الكتابة، ظهرت لنا أقلام متسلقة منافقة حبرها نتن، لم تظهر إلا حينما بردت الساحة وأندست الأقلام مخافة القضبان، أو مخافة فقدها الحلى المرجو من الصحون الفارهة.حينما سجن معاوية لما تلاقي المواهب الكتابية دعما وتشجيعا،إذ إن معاوية كان الداعم الحقيقي للمبتدئين في التدوين ، فهو بحد ذاته مدرسة داعمة، رغم فقره لبعض الأشياء ،إلا أن الهمة الكبيرة في الدعم والنية الصادقة رفعت من شأنه عاليا، ولم يكن كباقي أعضاء جمعية الكتاب الذين لا يسمع همسهم ولا صرير أقلامهم حينما تدعو الحاجة لذلك.

إختفاء معاوية عن الساحة الكتابية لها أثر كبير، لاسيما في الوسط الثقافي، الأمر الذي جعل النشاط التدويني الجريء يصاب بالذعر قليلا ، فلم نعد نسمع للأقلام صريرا يطمئن قلوب البعض الذين تؤرقهم بعض القضايا ،ولا يزول أرقها إلا بالكتابة عنها. كنا نأمل أن يظهر لنا معاويتان على أقل تقدير ، فظهر لنا متسلقون ومنافقون قاموا يجلدون ظهور البعض بأقلامهم اللاسعة، فماذا عسانا نرجو منهم غير الصمت؟!.
أقول وبإيمان تام ، أتمنى مساومة المعنين أن يرجعوا معاوية الكاتب ويأخذوا بدله عشرة أعضاء من جمعية (.....)  .

الثلاثاء، 10 نوفمبر 2015

الإعلام والقضية



الضجة الإعلامية الكبيرة التي نعيشها في وسط الإعلام الحديث والتقليدي، لا تتعدى جوانب محدودة كالسياسة ،والدين ،وبعض من القضايا الإجتماعية الموسمية، والتنبؤات بأحوال الطقس ، ولم يبق إلا القليل لباقي أمور الحياة. في زخم هذا الإعلام لاسيما الحديث بكافة جوانبه وأشهرها التويتر والفيس بوك، أصبح كل مستخدميها عباقرة ومثقفين من الدرجة الأولى ، فالجميع فقيه مفتي في كل القضايا الدينية لاسيما قضايا الإختلاف التي لم يتفق علماء الأمة عليها، فيتم التكفير، والتفسيق ،والإخراج من الملة ،وهلم جرا.والكل محلل سياسي في كل القضايا السياسة الداخلية و الخارجية ، ويقومون برسم القضايا في لحظات، وكأنهم عباقرة السياسة العالمية، وهي التي يتم رسمها في سنوات لتتمخض بنجاح تخفق عليه القلوب خوفا من فشله ،لكن السادة التويترين هم يرسمون كل شيء متفائلين بنجاح محتوم، ويتم التراشق بين الأطراف لتعود الأمور لنقطة بداية الدائرة دون أن تتمخض باستفادة ينالها على أقل تقدير أحد الأطراف . وتدور دائرة الأحداث متنقلين من قضية لأخرى ،العامة هذا ديدنها وبعض المثقفين يقومون بصناعة تأكيد بعض الأفكار وترسيخها في روؤس الإمعات بصناعة النصوص التي عادة ما تكون هزيلة ،لا هي ذا حجة قانعة ،ولا تتبعها براهين تقوم بدفعها.
يعيش المواطن العربي في حالة نشاط إعلامي كبير لم تسبقة أمة من قبل في هذا ، ووجد هذا النشاط الإعلام والحراك التدويني في قضايا قد لا تخدم مستقبل الإنسانية أبدا ، بل تقوم على تكسير قوائمها بطرقها باستمرار في كل يوم مع ميلاد كل قضية وحتى موتها.أما الحراك والتراشق الديني لا ينفعني كإنسان فجل القضايا قد قال فيها الفقهاء قولهم، فإن رغبت باتباعه تبعته وإن لم أتبعه سألاقي ربي يوم الحساب هذا المتفق عليه، وهو المعلوم الأكيد، أما المختلف فيه فهناك طريقان أو أكثر وأسلك ما أشاء منهما وكل طريق برأيه الذي ينوره ،فلماذا أصحاب هذا يكفرون ذاك ، و أصحاب ذاك يكفرون هذا؟! يا للسخرية .
عميت عقولنا وقلوبنا فحملنا على عاتقنا مسألة من سيدخل الجنة؟! ومن سيدخل النار ؟! وهل الغناء حلال أم حرام؟! ومن الفرقة الناجية ؟! وهل القرآن مخلوق أم لا ؟! وهل سأرى ربي أم لا؟! وهل وهل وهل. كل هذه السنوات وبصراحة حينما أقرأ عن بعض القضايا أدرك أن عقولنا لم تتطور البتة ، وأدركت لماذا لا نسمع عن تقدم العلوم في بلاد الإسلام مع أن المسلمين هم من وضعوا أساساتها وافكارهم تدرس في جامعات الغرب حرفا حرفا. تعلقنا الأعمى بنهج بغيض هو من يردي بحالنا للحضيض ، وعزوفنا عن إثارة القضايا الهامة في الوسط الثقافي والإعلامي والإجتماعي هو الأخر سببا في جعلنا متأخرين قرونا عن الإنسانية في كل جوانب معيشتها، وحيويتها.
عزوف الإعلامين والمثقفين والكتاب والفقهاء وكل الأمة عن إثارة قضايا الأمة ،وقضايا الإنسانية أكبر جريمة يرتكبها الناس بحق الإنسانية جمعاء ،لأننا سببا في ترهل الأمور جعلها تنساب سريعة نحو الهاوية ليمت من يمت، ويجوع من يجوع ، ويقتل من يقتل ،ولينام الكثيرون عراة عطشى، وتنتهك الأعراض وتسلب الحقوق ،وتقذف المحصنات، وتسرق الأموال. إن عزوف الأمة عن إثارة قضايا الإنسانية كالإنتماء مثلا جعلنا نفقد إنتماءنا ،فلا العروبة أصبحت لنا وطنا، ولا العربية لنا لغة فصيحة، عشقنا أوطان غيرنا ليست لأنها جميلة،بل لأنها أمنة ،ترفرف الحرية في فضاءاتها مطمئنة. قتلنا إنتمائنا للغتنا العربية، ونحن أكثر من عشرين قطرا ، ونحن أكثر من مئة مليون عربي ، معلليين ضعفنا بهزل مصادر تعلمنا وفقر لغتنا ، ووخواء عقولنا، طفقنا نضحك على أنفسنا بسفاهتنا، قلنا لا يصح أن تدرس العلوم كلها بالعربية ،وكل الشعوب تدرس العلوم بلغتها الأم ،وهم دول وليسوا مجموعات دول كمثلنا. قتلنا هويتنا وإنتمائنا العربي بتبني هوية غيرنا لأننا وجدنا فيهم المثل والتقدم والرقي ،موهمين أنفسنا أنا عروبتنا تخلو من كل هذا!. عزوف الأقلام وإنخناق الصوت الذي ينادي بإثارة قضايا الإنسانية الأكثر أهمية والتي باتت تؤرق ضحاياها، جعلنا لا نقرأ ولا نرى ولا نسمع ولا نحس بغيرنا، مما جعل كفتي الحياة غير متزنة، ولا متعادلة.

ما يحدث لعروبتنا من ذل ومهانة وهوان سببه الأول علماء الدين، لأنهم هم الأكثر تبعية ،وأصحاب الرأي المسموع، وثانيهم الأدباء والكتاب والشعراء والمثقفين ،لانهم لم يسخروا أقلامهم لإعادة بناء العروبة ،بل استخدموها في هدم الإنسانية ،بطرحهم قضايا الإختلاف التي لا مناص عنها وتهويلها ورشق المختلفين دون مراعاة شرف الإختلاف أو شرف الخصومة وأماتوا القضايا المهمة ولم يتطرقوا لها، كالتعليم بلغة العرب، ومساواة الناس فيما بينهم، معتبرين البشر غير ناضجين فجلعوا أنفسهم أوصياء عليهم.نحن بحاجة لدعاة التجديد الذين يصدحون في منابرهم لخدمة الإنسانية وتجديد الإنتماء الديني والقومي. نحن بحاجة لمن ينادي بالإنسانية أولا وقتل الفروقات ، وجعل الناس إخوة متساوين في الحقوق والواجبات.لتكن نقاشاتنا في مواقع التواصل عن قضايا تخدمنا ،لا قضايا تهلكنا وتدمرنا، يكفي الأنسانية الدمار الذي نصنعه بأنفسنا ونموله بأقلامنا، وأموالنا، ورضانا، وصمتنا اللعين.