إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 29 يونيو 2016

لقد فاتني رمضان


كنت قد أعددت عدتي لشهر رمضان وأسوقها ملأى ، ليست كالعربات التي ملأت في الأسواق التجارية بمسمنات البطون و الرقاب، بل بالهمم والنوايا لصوم الشهر كما كنا نصوم، وبقيامه وبالإكثار من الأنشطة الروحية التي حتما ستشعرنا أننا أقرب بشبر على الأقل إلى الله من ذي قبل، رغم بعدنا كل البعد عن خالقنا الذي نستحضره كل يوم عشرات أو مئات المرات بالرحمن الرحيم، أو العفو الكريم ولم نستحضره بشديد العقاب. فقلنا أننا سنصوم شهر رمضان هذه المرة صياما يختلف عن ما مضى، محاولين أن نعيش حياة الصالحين، لا ليس الصالحين بل حياة مسمى أخر للذين يعبدون الله لا أعرف ماذا أسميهم ، يبعدون عن الصالحين بمئات الأعوام ربما ، لأن نشاط العبادة التي تقام في الطرفين ليس لها مجال للمقارنة أبدا، فالثاني لا يتنفس إلا صلاحا ونحن لا تنتفس صلاحا !. لنضع في أنفسنا حساباتا وفي حساباتنا جداولا وفي جداولنا مواقيتا وفي مواقيتنا أنظمة وأنشطة تأدب الروح قبل ترويضها ثم تغرس في عرصاتها ورد محبة الله ، والإيمان الخالص ، والوفاء والطمأنينة العظمى. فمن يقرأ دساتيرنا التي أعددناها ويكأنه يسترجع شيئا حتما سيذكره بالراشدين، أو أصحابهم، أو الشراة أو تلاميذهم، لكن الصورة كل تفاصيلها مغلوطة، فليس في الحال ما ذكره المقال البتة، لكن وضع الخطة سبقه قرآءة في تاريخ مضى حمل بين طياته ما يبكي فقدانه، فحرك أشجان النفس المخدوعة، لتدور عائدة حيث بدايتها المخدوعة، وما أكثر الخديعة ؟!.
أذن مؤذن أن رمضان قد حل ضيفا كريما، وأن الصيام قد وجب على المكلف، ليس عقوبة ، بل مدرسة ذات أنهار وثمر، ننال من ثمارها ونغتسل من أنهارها بعد الشرب، ولنحمل منها عظيم الزاد ليوم المعاد، لأن من لا زاد له لن يقاوم عثرات المسير، فالدرب وعر، والمسير صعب، و القوى حتما ستخور لمن لا زاد له. الله أكبر ، تكبيرة الإحرام في أول صلاة تراويح ، المساجد تعج بالمصلين وقد إمتلأت بطونها، وفاضت صحونها، وبدأنأ أول شيء في الشهر فرحين بأن الله من علينا ببدء صيام الشهر وهذه نعمة عظيمة لم ينالها من هلك بعد رمضان الذي مضى ، لعل في هذه النعمة فضل العتق والرحمة والمغفرة والرزق العظيم، ولا يخفى علينا أن في رمضان فوائد عظيمة قليلة هي ما ندركها وعظيمة هي التي لم تدركها حواسنا ومدراكنا، لكننا متيقنين أن من أدرك رمضان وصامه إيمانا واحتسابا سيحظى ولو بشيء منها، لأن من يعطي هذه المنافع هو أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين، والذي لا تحد كرمه وحلمه وعفوه ورحمته حدود.
بعد تكبيرة الإحرام هرع الناس جمعا وفرادى، جريا وهرولة لله مقتربين له طائعين ، يكثرون من العبادة، وينوعونها، بين سجود وركوع، وقرآءة ودعاء وصدقة، وتهليل وتكبير وحمدلة وحوقلة وإلى مالا تحصى، سعيدين بكل لحظة في يومهم حتى أتموا أكثر من عشرين ليلة لا تفوتهم لحظة إلا وقد كتب لهم فيها حسنة وفي رمضان تضاعف الحسنات.
بعد أول تكبيرة إحرام نمنا؟! والناس بين سجود وركوع، وتهليل وتكبير وصدقة ونفقة وجود ورحمة وخوف من الله وحب له. تخلل نومنا الكثير من الخسارات ، والكثير من الذنوب والكثير من الهرج والمرج، واللهو واللغط ، والقبح والمعاصي، استحوذ الشيطان على نفوسنا، فآسر قلوبنا، وأقتادنا خلفه كالأسارى المستعبدين ، كلما أرادت النفس أن تصحو من سباتها تلطمها معصية خبيثة فترديها صريعة بين الصرعى. طفقنا نصلي شكلا نقول ما لا تدركه قلوبنا فلا نستحضر صلاة ولا عبادة، ونقرأ القرأن شكلا فلا نعرف ماذا قرأنا وماذا نقرأ وأين قرأنا ومالذي قرأناه، ونصوم شكلا فلا في صومنا حكمة ولا عبرة، فقط تقرقر بطوننا المنتفخة بالطعام الذي يرمى أكثره، وأكثر الفقراء يفقده.
بعد العشرين يوم فتحنا أعيننا الوسنى لنرى التقويم فنقرأه (20 رمضان)، بحلقت في التقويم بحلقة النائم المندهش مما رأى، يومين متتاليين بين مصدق وغير مصدق، متسائلا أين ذهبت عشرون يوما ثم تلتها يومان؟! لم أتذكر أنني كنت في لهو ولعب ولغط ومعصية وتمتع بالحياة الدنيا ومتناسيا الحياة الأخرى. إنقضت يومان ، فأدركت أن رمضان فاتني ، فاتني قطاره حينما كنت ألهو بين المعاصي والظلمات في أول محطة له. سيبكيني الألم أظنه أربع ليال، لتبقى على الأرجح أربع ليال أخرى من أصل ثلاثين، والتي ستذهب في الحسرة والندامة، والتأمل بصيام رمضان المقبل كما كان يصومه الصالحون، أمل النفوس الكسولة التي تخدع عقولها بأمل كاذب. لم أتذكر بأن ملك الموت لا يحذر قبل إنتزاع الروح، وأن الموت ليس للشيوخ فقط ، فهو ينتزع حتى الرضع في حجر أمهاتهم.
كم أنا سيء الحظ وقد فاتني رمضان ولم أقطف ثماره ، صمت جائعا، وقد فاتني الفطور حينما يفطر الصالحون بكل ما لذ وطاب، صارخا ولا مجيب لقد فاتني رمضان، والناس فرحون في أعيادهم، عمتهم السعادة والبهجة ، وأنا أندب حظي الميؤوس ، لقد فاتني رمضان يتردد صداها الحارق بين أضلعي.
صباح الثاني والعشرين من رمضان 1437

الخميس، 16 يونيو 2016

برنامج رمضاني للكسالى


 
بما إن شهر رمضان هو الشهر الأكثر فضلا وكرما يتسابق الخيرون لنيل هذا الفضل العظيم، وبما أنه مدرسة في الصبر والتحمل وإدارة الوقت واستغلاله ، يتسابق العاقلون في تعليم كل حرف من مدرسته حتى لا يفوتهم شيء لم يتعلمونه، فتجد الناس يحرصون على استغلال كل لحظة فيه. وبما أنه شهر يختلف عن كل الشهور في طبيعة الحياة ومذاقها فلا غرابة في حرص الناس على الاستمتاع بأيامه القليلة.
يعيش المسلمون حياة رمضان حياة مختلفة تماما عن الحياة في باقي الشهور إبتداءا من بداية اليوم وحتى نهايته. فيتم تقسسيم ال 24 ساعة تقسيما مضبوطا وليس بالضرورة متزنا أو متساويا، فكل إنسان يقسم الوقت حسب توجهاته وميولاته، فمنهم من يعطي العبادة جل وقته، والأخر يعطي النوم أكثر وقته، والبعض لا ذا ولا ذاك ، يقضي وقته في السهر واللهو والرياضة وغيرها. ف في رمضان تكثر الأنشطة الحيوية فلا يجد الواحد وقتا فارغا إلا وملأه بشيء ما. كل هذا وذاك أغلبه يكون غير منظم ولا مخطط ، فقط هو برنامج عشوائي يعيشه الإنسان في يومه، ومنهم من ينظم الوقت تنظيما جميلا متنقلا بين العبادة والرياضة والقرآءة والزيارة ،،والخ. فإليك أخي البرنامج الرمضاني الذي قد تستفيد منه، وقد أعددناه خصيصا للكسالى.

بداية النهوض قبل آذان الفجر بنصف ساعة على أقل تقدير فيقضي الوقت المتبقي إلى الصلاة في قرآءة القرأن بتدبر وليس بسرعة، وتذكر أن لا تضع في نفسك أن تختم القرأن مرات عديدة بقرآءة سريعة، بل اختمه مرة واحدة بتدبر وخشوع واستحضار جوارح. لتكن خمس صفحات قبل الصلاة و خمس أخريات بعد الصلاة وياحبذا لو تقرأ في مصحف مهمش بتفسير ميسر للأيات، لتكن عشر صفحاات مع صلاة الفجر على أقل تقدير.

ثانيا يقضي بعض الناس وقت الصباح في الدوام لمن هم غير مجاازين إلى ما بعد صلاة الظهر وقبل صلاة العصر.
والذين هم في إجازة، ينام حتى الساعة الثامنة على أكثر تقدير ثم ينهض ، ويقضي ساعة من صباحه في قضاء بعض الأعمال ، ثم يقرأ كتابا لمدة ساعة من نهار حتى قبيل صلاة الظهر، ثم يذهب للمسجد قبل الآذان ليقرأ خمس صفحات مع التفسير قبل الصلاة وخمسا بعد الصلاة ، لتكن عشرة كاملة مع التفسير، فنكن قد أكملنا عشرين صفحة من القرآءن بتفسيرها.

ثالثا: ينام من أراد النوم ، وليذهب لبعض مشاويره من أراد أن يذهب، يقضى هذا الوقت حسب الرغبة ، ويا حبذا أن يقضى في عبادة أو قرآءة أو قضاء حاجة شخصية أو للآخرين.

رابعا : قرآة خمس صفحات من القرآءن الكريم مع تفاسيرها قبيل صلاة العصر و خمسا عقب الصلاة لتكن كلها عشرة، ويكون المجموع ثلاثين صفحة . عقب الصلاة يقضى هذا الوقت في قضاء الحاجات أو الزيارات أو في مهمات الأعمال الأخرى. قبيل آذان المغرب بنصف ساعة على أقل تقدير تقضى هذه الفترة في قرآءة كتاب حتى الفطور ليكن مجموع القرآءة في كتاب ساعة ونصف الساعة، ولمن أراد قضاء الوقت الذي يسبقه في القرآءة سيكون حسنا ليرتفع عدد ساعات القرآءة إلى ساعتين أو ساعتين ونصف. للنساء حتما سيقضى هذا الوقت في تحضيرر الفطور.

خامسا: بعد صلاة المغرب هو وقت العائلة ، وهو وقت قصير جدا لتأتي بعده صلاة التراويح.

سادسا: قرآءة خمس صفحات من القرآن قبيل صلاة التراويح ، ثم المواصلة مع الصلاة. بعد الإنتهاء من الصلاة سيكون الوقت غير مبرمج ليقضى في طقوس مختلفة كالزيارة ، والرياضة وحضور الأمسيات والدروس وغيرها. فلنحرص على عدم متابعة المسلسلات والأفلام، وإذا أردنا أن نتابع بعض البرامج فلا بأس شريطة أن لا نكثر المتابعة. لنتأكد من وجود ساعة كاملة قبل النوم على أقل تقدير نصفها لقرآءة القرأن، والنصف الأخر لقرآءة كتاب. ليكون جملة صفحات القرأن الكريم التي نقرأها في اليوم والليلة من ثلاثين إلى أربعين صفحة، ويكون جملتها في كامل الشهر من ختمة ونصف إلى ختمتين مع التفسير والقرآءة بتدبر عظيم. و يكون جملة الساعات التي نقرأ فيها كتابا مختلفا من ساعتين ونصف إلى ثلاث ساعات أي جملة ما يقارب خمسين صفحة ذات ال خمس وعشرين سطرا في اليوم لتكون جملتها الف وخمس مائة صفحة.
بهذا نكون قد أنجزنا في شهر رمضان إنجاز لا باس به أو أنه مقبول ونكون قد حرصنا على أن لا نقضي ساعة من الشهر في أللافائدة، وذلك باتباع برنامج جميل باتباع حسن. ولمن أراد أن يكثف برنامجهه فله ذلك ، طبعا ستكون الثمرة أكبر وأكثر نظارة. إعلم أخي أنك إذا اتبعت برنامجا قد أعد حسب جدولك اليومي ، فإنك ستتعلم من الشهر أشياء كثيرة غير الصبر والصدقات والتحمل ومشاركة الفقراء آلامهم ووووو. ويمكنك أن تهيأ برنامجك بنفسك وتعده إعدادا جيدا يناسبك تماما كطالب أو موظف ، أو غيره، في النهاية المراد كيف نستغل الوقت استغلالا جيدا، وتذكر إن نجحت في تطبيق برنامجك الرمضاني أن تستمر به في مستقبل حياتك حتى تعيش حياة مجدولة ومستغلة تمماما مفعمة بالنجاح. تذكرة أخرى لك أخي / أختي في بعض بلاد المسلمين هنالك من يعيش تحت ويلات الحرب والظلم، لا مسكن يأويهم ، ولا طعام يسد جوعهم، ولا لباس يستر عورتهم، أولا قل الحمد لله وكن من الشاكرين على النعمة العظيمة التي تعيشها، فلا تسرف ولا تبذر، ثم تصدق بيمينك واخفيها عن مواقع التواصل ، فالذين يصورون أنفسهم أمام شاحنة المؤن الخيرية هم لا يدخلون تحت مظلة ورجل تصدق بيمينه فاخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه، فاكثر من الدعاء لإخواننا المسلمين المستضعفين في الأرض.

في النهاية لا تنس أخي أن تدعوا لنا في الشهر الكريم