إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 26 فبراير 2016

العطاء و (فريق واو التطوعي بجامعة نزوى)



 
قد يندهش الواحد منا حينما يرى أسرابا من الطيور تنتظر موعدا لن تنساه مع الشيخ سعيد الذي أكمل الستين خريفا من عمره، موعدا قد يأوله البعض على أنه عاطفي بالدرجة الأولى، والبعض يفسره على أنه موعد لحاجة ثم سرعان ما ينقضي. ولكن الأرواح وحدها من تفهم حجم العلاقة بين الطير والإنسان، في الإئتلاف العظيم الذي يحصل بينهما، ونادرا ما يحدث في الحياة الحاضرة، لأسباب كثيرة يصعب حصرها. في كل صباح وعند كل ظهيرة، يحين موعد اللقاء الذي يجمع بين الشيخ سعيد وسرب الطيور في محلته، ووقت الغروب هو الأخر. الشيخ سعيد قد آسر الطير بكرمه وحسن خلقه، فهو سواءا مع الإنسان وغيره في نبله وعظيم عطاءه. في تلك الأوقات ينثر الشيخ الحب بسخاء عظيم، ليطعم الطير المحلق في سماءات البعد باحثا عن لقمة سائغة تسد رمقه وتقتل جوعه، لترى الأسراب المحلقة تهبط في تلك الساحة التي إعتاد الجميع على الإلتقاء فيها. كل من يشاهد الموقف سيتعجب وسيسأل نفسه لماذا لا تأتينا الطيور كما تأتي للشيخ سعيد، لتتحلق حوله، فتلتقط الحب الذي ينثره عليها بسخاء. لن تكون الإجابة سهلة، لأن ما يجمع الطرفين قبل أن يكون عطاء اللقمة، فهو الحب العظيم الذي تجلى في الخير الذي يسديه الشيخ للأخر، وهذا النبل الكريم، لم يكن لأجل مصلحة دنيوية أرادها الشيخ، بل أمن كل الإيمان أن العلاقة بين المخلوقات علاقة تكاملية، منشأوها الحب ومد اليد للأخر، مما يجعل المخلوقات كسلسلة مترابطة قوية، لتقوى الحياة بهم والمجتمع الحيوي ككل.

قد نرى الحياة برؤية قاصرة حينما نراها من ناحية منزوية، لكن حينما نراها من العلو، حتما سنراها واضحة، وحتى نرى بوضوح علينا أن نسعى نحو العلو بكامل قوانا، فالعلو ليس مقتصرا على أحد دون الأخر. ففي العلو نرى كل الحياة بكامل إحتياجاتها، ستكون نظرتنا الثاقبة هي كيف نمكن للحياة مسارها الصحيح؟!
إندهشنا حينما رأينا إئتلاف الشيخ والطير معا، وقد حافظ الجميع على موعد اللقاء المحتوم، طير وإنسان ياترى كيف يجتمعان مثلا ؟! السر يكمن في سحر القلب وسحر الطبع، وجعل الحياة تكاملية بين المخلوقات كلها، ليس بالضرورة أن تكون مع الإحياء فقط، بل حتى مع الجمادات. فكان عطاء الشيخ الجزيل للطير وبحب العطاء جعل الأخر يحب حضور لحظة العطاء ، لأنها أعطية أريد بها زرع المحبة والسلام واستمرارية الحياة في تكاملها، كل يعمل من جانبه ليتم البناء، وليتم الحصاد، حياة جميلة، ترفرف عصفورة في خمائل الورد جنب سواقي الماء التي تعزف بالحب خريرا، على مقربة من الإنسان المليء بالعطاء.

حينما كان العطاء نافذة كبيرة للسعادة،كان الإنسان لا يتنفس إلا السعادة، فهو خلق لأجل السعادة، التي لابد وأن تنير سماءات الكون. وحينما كان العطاء عظيما بين بني الإنسان، كان الإنسان نفسه يحس بإنسانيته، وبالشبه العظيم والقرب بينه وبين بني جنسه، لأن العطاء كسر كل الحواجز بينهما ليخلق فضاءا رحبا مليئا بالمودة والرحمة والعطف والمحبة، فلم تكن الكبرياء وقسوة القلب والترفع موجودة في حياتهم. وكان الإنسان قريب الحياة من الحيوان، لاسيما أنه يشترك معه حتى في النوم، كل ذلك لأن يد العطاء ممدودة من الإنسان للحيوان، فتكسرت كل الحواجز بينهما، مما جعلهما يأتلفان ليكون الأخر أليفا في بيت الإنسان. فالإنسان مدني بالطبع، وهو في حاجة للإنسان نفسه، وذلك حتى تكتمل الحياة كما أريد أن تكون بين بني البشر والحيوان وكل مخلوقات الكون، فالواجب على الإنسان أن يجعل للعطاء مكانا في حياته ونبراسا ينير طريقه.

اليوم وكلنا نشاهد تطور العطاء ليكون نفسه ولكن بمسمى أخر، فالجميع يتفق عليه أنه العمل التطوعي، وكل هذا يكثر فيه العطاء للحياة كلها بنمط متغير عما كان عليه سابقا، وإن اتفق في الأنماط. يطلق فريق واو التطوعي في جامعة نزوى برنامجه التطوعي الذي يخدم المجتمع ككل، آخذا في ذلك هدف العطاء للمجتمع لرقيه ونمو كوادره كلها. يتبنى هذه المبادرة شباب ناجحون أخذوا على عاتقهم الجهد والمثابرة في خدمة المجتمع باذلين نشاطا قويا نحو تحقيق الهدف. يبذل الشباب قصارى جهودهم في تحقيق الأمال وذلك بدعم المجتمع لهم ماديا ومعنويا، فهم حلقة الوصل بين المجتمع والمجتمع. يقضي أعضاء الفريق جل وقتهم في الإعداد والتحضير لأنشطة الفريق الخيرية، جاعلين نصب أعينهم العطاء للمجتمع هو العطاء الإنساني الذي لا ينضب، فكم من إنسان بات محتاجا لأخيه الإنسان والأخر لا يدري عنه وعن حاجته، فدور الفرق التطوعية أن تكون حلقة وصل بين الإثنين مضحين بأوقاتهم وراحتهم ومالهم، فلنكن عونا لهم ولنمد يد العطاء ليكثر العطاء.

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق