إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 11 أغسطس 2018

إنه المساء يا سادة


أنصتوا، إنه المساء يا سادة ينزل مخيما في فضاءآتنا.
هنيئا لأولئك القاطنين بين أحضان الأرياف، حيث الهدوء يعزف موسيقاه كل مساء بحضرة عشاق المساء، زقزقات العصافير المعلنة رحيل نهار جميل، وإقبال عتيم تسكن فيه الأنفس، ثمة أرواح لن يغفو لها طرف، ستناجي غائبا طال غيابه أو حظا تأخر حضوره، أم مسافرا لم يذكره ذاكر ، أو مريضا لم يزره زائر. إنه المساء حينما تندب (المسيهرو) حظها في غياب عاشق باتت تنتظره، أو طفل ثكلته حينما يعبث البشر بالطبيعة، أو زوج ترملت بموته حتى تقطعت أوصالها لتبقى غصنا مقطوعا من شجرة قد إلتفت أغصانها قبل ذلك.
إنه المساء يا سادة حينما يقف عبد في صلاته لمولاه في هزيع الليل الأخير يرجو عفوه ومغفرته ورضاه، تمطر أحداقه دمعا، يسيل في وجناته خوفا ورجاءا. إنه المساء حينما يسكن كل شيء في الحياة سوى قلوب العاشقين ، التي تنبض حرقة وشوقا، سوى صدور المنتظرين لغائب لا يسمع عنه حسا ولا ذكرا،  سوى أنّات المتألمين الذين تكويهم الألام وتوخزهم حتى، لا يغفى لهم جفن ولا تنام عين.
إنه المساء يا سادة حينما ترفع في ثلثه الأخير أكف المظلومين حتى تطلق سهام الليل الخارقة التي لا تخطيء هدفها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق