إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 2 فبراير 2015

الحياة والفراغ



 

 
 
ليست الحياة مجبولة على قضاء أوقات منها في فجوة حيوية تشل النشاط الحيوي و تبعد بين الحياة والحياة،لتصبح جسرا تتوسطه هوة تفقده تواصله وترابطه الجميل ، وعمق هذه الفجوة وطولها يعتمد على حيثيات وتوجهات الفرد نفسه .وجدت الحياة لتكون متواصلة عبر سلسلة من الأنشطة الحيوية التي تنمي الوعي والمعرفة والفكر تجاه كل شي في الحياة ولا تتخللها فجوات قد تغير من مسار وإستقامة الحياة. فالفراغ هو الفجوة الضارة التي تتخلل حياة الإنسان وعادة الضعيف الذي لا يسير نفسه أبدا،ويكون رهينا لرياح الحياة الموسمية توجهه أينما توجهت.
إن إستمرار وتسلسل الحياة هو الأصل الذي يجب أن يكون معمولا به في حياة البشر والأحياء الأخرى حتى يتسنى للحياة أن يكتمل بنيانها برسوخ أرضي  وشموخ سماوي ، وحتى يكون مجموع نتاج الأفراد كلهم أكثر من الإستهلاك نفسه ليكون الباقي كمخزون تستهلكه الجماعات في أسوء الأحوال أو بالأحرى في الأحوال التي تعيق حركة الفرد ونشاطه. فالنتاج والإستهلاك هنا لا نقتصره على الغذاء والملبس والمسكن فقط، بل يرقى لأبعد من ذلك لاسيما تغذية الروح والعقل بالنشاط العقلي والروحي،اللذان يقيمان حياة الفرد مع الأنا والجماعة كونه مدني بالطبع. فحياتنا يجب أن تكون منظمة ومكتملة التخطيط وتمشي وفق معايير وأسس إما أن نكون قد رسمناها بأنفسنا أو قد تكون مستلهمة من الدستور الحيوي الذي لا إعوجاج فيه، حتى نستطيع أن ننتج أكثر من ما نستهلك لنضمن للحياة مسيرة واضحة دونما أي إعوجاج مضر بحياة الأنا والأخرين. فالفراغ أحد أكبر المشكلات التي تواجهنا في هذا العصر مما أدى بنا إلى التخبط و العشوائية في تخطيط مسارات حياتنا وتضارب الأحداث مع الواقع التي تمخضت حياتنا بفراغ غير مرغوب به فارتمت أنفسنا إلى أعمال لا تمت للنمو بصلة -وأقصد هنا النمو الحيوي بكل ما يشمله من عقل وروح وجسد- فتركنا الأعمال والأنشطة التي بدورها قد تحافظ على سلامة العقل والروح والجسد من اي هفوات وإنتقاصات قد تكون عائقا يوما ما أمام عجلة الحياة.فحينما رضخت أنفسنا تحت وطأة الفراغ،ولد فينا الكسل اللعين فصرنا نرى كل الأشياء ثقيلة جدا ومتعبة، حتى شرب الماء قد يبدو أحيانا متعبا إن لم يكن هنالك معينا على شربه مع توافره وبسهولة. فالإنشغال بالملهيات التي تجذب العقول لها والتي لا تنميها قد أخذ جل أوقاتنا، والنوم غير الطبيعي هو الأخر ، فعزفنا عن القرآءة مثلا مما أدى بنا إلى توقف نمو مستوى العقول والمدارك والوعي والمعرفة والفكر....وغيرها ،فتقلص بذلك عطاؤنا ونتاجنا للحياة مما أدى إلى إنحصار النتاج بكل أشكاله فنتج عن ذلك خلل واضح في حياة الإنسان.
وليس أجمل في الحياة من استغلال كل الوقت في المنافع التي لها تأثير إيجابي لحياة الناس والكون بأكمله، فعلينا أن نعود حيث البداية ونعيد تخطيط إستغلال الوقت لنقضي على الفراغ. لنقرأ لنستلهم ولنتعلم تجارب الأخرين ولنثري عقولنا لتتوسع مداركنا وفضاءات تفكيرنا حتى لا تحدها حدود،كل هذا وذاك حتى نستطيع أن نكون أفرادا مشاركين في بناء الحياة المستقيمة ، وحتى تكون عقولنا قادرة على رسم مخطط الحياة المستقيم الذي لا تشوبه شائبة ، ولا تكون عقول ضعيفة لا تخدم الأنا بأقل فكرة تحتاجها ، فنكون بذلك كالإمعات الذين يعصبون عيونهم الصحيحة فيمشون خلف ركب ما دونما تمحيص. فالعقل العقل ، والقرآءة القرآءة،ولنملي فجوات حياتنا بالعمل النافع ،ولنبتعد عن الفراغ بعد المشرق عن المغرب.

 

 

هناك تعليقان (2):

  1. مقال جدا رائع ومعظم مقالاتك هي كذالك ماأعجبني فيها تملامستها الواقع المرير الذي نعيشه في مجتمعنا وكل يوم يمر بنا نأسف على أنفسنا وجيلنا القادم الذي نجزمه بأنه ليس بأقل عن واقعنا
    نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا
    ونهجوه وليس له ذنب ولو نطق الزمان بنا لهجانا

    ردحذف