سلسلة مقالات التعاون الثقافي مع مدرسة لميس بنت عمرو الأنصارية
إن أكثر الأمور سوءا أن يجبر الإنسان على التعامل مع أشياء الحياة بمختلف أنواعها التي تحمل بين طياتها الأذى والوجع، والتي لا يستطيع الإنسان الإنفكاك عنها، أو حتى تركها كليا، لأنها من الضروريات في الحياة. قد ترى إنسانا قريبا أو صديقا تربطك به علاقة وطيدة، لكنه قد يتبنى عادة سيئة أو به خصلة لا تقبلها الأنفس، فهو يعتبر قريبا منك، لكنك لا تتحمل منه تلك العادة مثلا، أيا ماكانت، فتضطر إلى التعامل معه. ومن العادات السيئة التي يتبناها بعض الناس ويكرهها الأخرون هي عادة التدخين، تلك العادة السيئة التي ينفر منها كثير من الناس ولا يتقبلونها أبدا، لضررها و مخاطرها والأذى النفسي والصحي التي تسببه حين استنشاقها، ناهيك عن التأثيرات الأخرى الأقل ضررا. لكن الإنسان بات مجبرا على التعامل مع البشر الذين اعتنقوا هذه العادات كونهم بشرا والإنسان مدني بالطبع، فلا يستطيع قطع علاقته بالأخرين والإبتعاد عنهم، رغم ضرر عادة التدخين و مخاطرها.
إن التدخين من أكثر العادات شيوعا وإنتشارا في العالم بين الناس، وتعد من العادات التي لا تفارق مجالس الناس وأماكن إقامتهم، واسترخائهم، فهي رفيقة حياة الكثيرين، لا تفارقهم إلا في المنام، إذ أنها أحيانا لا تبعد سوى سنتيميترات عن صاحبها. واستطاعت أن تحل مكانة قريبة جدا من حياة الإنسان إذ أنه يضحي من أجلها بالكثير، ضاربا بالأشياء الأخرى عرض الحائط، متناسيا أو متجاهلا أضرارها ومخاطرها التي حتما ستقضي على ماله وصحته ثم حياته وببطء قد لا يشعر به هو مع مرور الزمن. وقد يجد المدخن متعته وقت التدخين وهو يحرق صدره ويتلف رئتيه ويغلق شراينه ويرهق قلبه إرهاقا عظيما، لتبدو معظم أجهزة الجسم بعد زمن وكأنها أحرقت بمادة كيميائية غيرت من حالها . كيف لا والسيجارة سم قاتل فهي تحتوي على مئات المواد الكيميائية السامة والقاتلة كالنيكوتين، والقطران وأول أكسيد الكربون، وكثير من المواد التي تشترك في تكوينها وكلها مواد لا تزيد الجسم إلا خرابا وتهدر قوته وصحته. فتؤدي كل هذه المخاطر لخلق حالة نفسية سيئة في نفس المدخن، وهي تشترك في هذا مع نفور الناس عن الإقتراب منه بسبب رائحة الفم الكريهة التي يسببها التدخين، فينفر الناس منه، وقد يزعجه هذا ويقلقه ويجعله منبوذا نوعا ما. مما سيؤدي في بعض الحالات لخلق مشكلات إجتماعية مع البعيد والقريب لا سيما المجتمع المحيط به. أن هذه الأدخنة التي يخلفها إحتراق السيجارة قد تؤثر بمن هم حول المدخن، وتسبب لهم أمراضا كمثل الأمراض التي تسببها للمدخن نفسه، لاسيما أولئك الذين يدخنون في بيوتهم بالقرب من افراد أسرتهم، وبالأخص الأطفال فهم أكثر عرضة لمخاطرها المؤلمة بتعدد نواحيها. كما أن التدخين مهدرا لصحة الإنسان فهو أيضا مهدرا لماله ومستنزفا له، فجملة ما ينفقه المدخن لشراء السجائر في شهر مثلا، كفيلا بشراء بعضا من مستلزمات الحياة الأسرية، فهو كما أنه مؤثر سلبيا على النفس والجسد، أيضا مؤثر على المال ويهدره فيما يعود بالسوء على صاحبه.
إن التدخين اليوم أصبح عادة يزاولها نسبة كبيرة من البشر، وقد تطّبع عليها الناس والمجتمع لتصبح مقبولة بعد إن كانت منبوذة ويعيبها الناس ويعيبون المدخن نفسه، فانتشرت وبسرعة في أوساط المجتمع لتغزو حياة الكثيرين، حتى الأطفال أصبح كثير منهم مدمنين عليها. رغم كل حملات التوعية المنتشرة والمختلفة ما زال التدخين كما هو بل ويتزايد انتشاره وغزوه للناس، وذلك بسبب غياب الثقافة ومعرفة مخاطره ومساويه. والتدخين أمام الأبناء ممنوعا أبدا ومرفوضا قطعا، فهم حتما سيقلدون الأب أو الأم فيما يصنع، وسيحذو الابن حذو أبيه، فإن دخن الأب أمام ابنائه، فسيدخنون هم غدا، لأنهم يحاكون أبيهم. نحن اليوم بحاجة لأن نقضي على هذه العادة تماما، حتى يخلو المجتمع من المدخنين حفاظا على أرواح البشر وصحتهم من السموم القاتلة التي تنتشر في الجسد كله. على كل المجتمع أن يهب جمعا وفرادى للقضاء على التدخين على أن يبدأ كل واحد من بيته، حتى نوجد مجتمعا آمنا مطمئنا صحيحا معافى في كل شيء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق