يفيق الإنسان من نومه
المحتم عليه، سيرى الحياة كما غادرها قبل نومه، لم يتغير شيء فيها أبدا. الناس
مثلما تركهم، المباني لم تتغير، العصافير تزقزق، المياه تنحدر، النسيم يهب، الشمس
تشرق ثم تغيب. لم يتغير في الحياة إلا الزمن فقط، فاليوم ليس أمس، فأمس قد مضى ورحل
بلا عودة، وأما الحياة فهي الحياة، نكبر وتكبر آمالنا وطموحاتنا، وأما تحقيقها
يعتمد كليا على الإيمان والنشاط اللذان نبنيهما كل يوم في كينونتنا، منذ الصغر حتى
أخر نفس لنا.
فالحياة
فترة زمنية، يقضيها الإنسان كيفما يحب أن يقضيها،وفيما يحب ، أما بدايتها فتختلف من
فرد لأخر، وايضا نهايتها، لأنها مستمرة إلى أن يشاء الله.ففي هذه الفترة الزمنية
يتسابق الناس في كيفية الإستمتاع فيها ، وكيفية عيشها. فالبعض يوفق في اقتناص
فرصها، ونيل ثمارها الطيبة، والبعض عكس ذلك. فحتى نوفق في جني ثمار الحياة
الرائعة، علينا أن نجتهد فيها ونتسابق لتحقيق الأهداف، ففي تحقيقها السعادة
العارمة، وهي لا تؤتى بسهولة ويسر، بل باجتهاد ونشاط كبيرين.
فالحياة
مزرعة مليئة بالكثير، والإنسان فلاح ، فمن أراد أن يزرع مزرعته بكل أصناف الأشجار
فعليه أن يجتهد في حراثة الأرض، وزراعتها خطوة خطوة منذ البداية وحتى النهاية،
مرورا بكل الفترات والمحطات والمواسم، فلا يمكن أن نجني اليوم ما نزرعه اليوم، بل
حتى نجني طيب الثمار غدا علينا أن نجتهد في الزراعة اليوم.
والحياة
موسوعة ضخمة من المعرفة منذ الأزل وحتى النهاية، ففي كل دقيقة فرصة للتعلم ونيل
المعرفة، وفي كل محطة ، فرصة لإكتساب معلومة وخبرة، سواء من الأشياء حولنا، أم من
الأحداث ، أم من تجارب الأخرين وذلك بمجالستهم أو بالقرآءة عنهم. فالحياة مليئة
بكل شيء يجعل الإنسان يكتسب الخبرة والمهارة بسهولة ويسر، حتى يستطيع أن يوظف
خبرته في سبيل إسعاد نفسه وبني جنسه.
كل ينظر
للحياة بنظرة تختلف عن الأخر، وذلك حسب الطبائع، والثقافة والعقول. وعلى غرار ذلك
يمهد الإنسان دربه في الحياة ليسير عليه كيفما أراد . فمنهم من يمليء دربه بالورد
، والأخر يملأه بالشوك، والشوك ليس كمثل الورد.فنرى في الحياة الناجحين والسعداء
ونرى غيرهم، لا يختلف بني البشر فيما بينهم إلا في درجة استغلال العقل، ودرجة
النشاط في الحياة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق