فجأة وعلي مقربة من سيارتي رأيت أربعة مجانين لا يلبسون سوى قطعة قماش تغطي الجزء الأسفل من الجسد العاري. كانت السيارة تقف في الجزء الغربي من القرية على مقربة من نخيلها الباسقات، على سفح جبل يفصل بين الواحة الخضراء والصحراء القاحلة المليئة حجر وحصى. مشيت مسرعا نحو السيارة بخطى حثيثة حتى أبتعد عنهم هاربا. ثمة رقصات جنونية يقوم بها المجانين العراة. فتحت باب السيارة ركبت ثم غلقت الباب مسرعا ومحاولا في ذات الوقت تشغيل محرك السيارة. تحلق المجانين حول السيارة محاولين ركوبها معي والأبواب مقفلة. أحدهم أسمر أشعث بدأ عليه الشيب، يلمع شعره الفضي كلمعان مهند في عرض النهار. يرفرف الأسمر بيديه بحركات تشبه حركات السحرة، فجأة لم يشتغل محرك السيارة لايتوقف كل شيء في السيارة. عرفت أنه اوقفها بفعل سحره فايقنت أنه لا مفر ولا مهرب عن المجانين، إن بقيت داخل السيارة حتما سيكسرون نوافذها وزجاجاتها. وإن خرجت سأتعارك مع فاقدي العقل. خرجت مسرعا نحو المجنون الساحر طالبا منه إزالة سحره لأشغل محرك السيارة، وافق بشرط أن يصحبونني في رحلتي نحو مركز القرية. وافقت على طلبه شغلت محرك السيارة ركب المجانين السيارة معي. تحركنا جميعا وبدأ المجانين في غيهم ورقصهم ومزاولة متعتهم الجنونية لنصبح جميعا مجانين. كانت فرحتهم عارمة وسعادتهم لا توصف شعرت أن في السيارة معي أطفال ذو أرواح مرحة ونفوس صافية. في نهاية الرحلة تركتهم في أحد الأمكنة ليذهبوا حيث يشاءوا، بعد برهة من الزمن وقفت متسائلا لماذا تركتهم بلا مأوى، ولماذا لم أخذهم لمأويهم وبيوتهم!؟
ضغت بقدمي على الفرامل لأوقف السيارة سريعا، فجأة استيقظت من نومي لأتيقن فعلا أنني كنت أحلم.